يشكل المسلمون في تايوان أقلية تمثل حوالي خمسة بالمائة انتقل معظمهم من البر الرئيسي للصين في سنوات فارطة قبل الانفصال الأحادي ..إضافة إلى عدد آخر جاء من ميانمار وتايلاتند في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ..ويتكون المسلمون في تايوان من اثنيات متعددة لكن اكثريتهم أي مايربو عن التسعين بالمائة تعود اصولها إلى الصين نفسها إضافة إلى الأتراك والايغور والكازاخ..وهناك أيضا أكثر من مائة وثمانون الف مسلم أجنبي يعملون حاليا في قطاعات مختلفة وينتمون إلى مايربو عن الثلاثين جنسية ..
يميل وضع الاسر التايوانية المسلمة إلى التذبذب بين صعود وهبوط، وذلك بسبب نقص علماء الدين المضيق عليهم وعلى حركتهم من قبل السلطات ، ما أدى بمرور الوقت إلى انحسار الثقافة الإسلامية ما سمح بالضرورة إلى انجراف أبناء و أحفاد العائلات المسلمة عن الإسلام بتعاقب الأجيال ، وتبنى بعضهم العادات التايوانية والدين التايواني وهو مزيج انتقائي من عقائد محلية متباينة.
فقدان التواصل ..
بعد قطع التواصل المباشر مع الجالية المسلمة الكبيرة والنشطة في البر الرئيسي ” الصين الأم ” ، ضعف الحضور الاسلامي في تايوان. خلال نصف قرن نتيجة سياسات معادية م وبعد ذلك نتيجة لمنع التايوانيين عن ممارسة الديانات “الأجنبية” عبر إجراءات وقرارات تعسفية..
بسبب الإعلام المنحاز في الغرب وفي تايوان تعرض الإسلام والمسلمون خلال العقدين الماضيين إلى عمليات تشويه ممنهجة فاقمت من أنواع كثيرة لسوء الفهم القصدي..وساهمت في حرمان مسلمي تايوان من التعاطي الصحي مع الأغلبية وتقديم صورة صحيحة عن عقيدتهم وممارساتهم وعباداتهم ..
.وبينما يعود العامل الرئيسي لوجود الإسلام في الصين على مدى ألف عام إلى التسامح الشعبي والحكومي في الدولة الصينية العريقة و إلى المجتمع المسلم والاستيطان حول المساجد وتعليم الأسرة وممارسة الإسلام، فقد ساهم الافتقار إلى التعليم الديني للأسرة ونظام التعليم المتحيز في تايوان تحت مزاعم متعددة” في تدهور الدين الإسلامي هناك بشكل كبير بحيث صارت الأجيال الجديدة من المسلمين ، معزولة عن ثقافتها وقيمها مازاد من نسبة المتحولين عن الإسلام .. لذلك ، فإن تمسك جيل الشباب بدينهم الإسلامي يبدو أكثر صعوبة كلما استمرت الأوضاع الحالية على ماهي عليه .
ونظرا للاهمال المتعمد من قبل حكومة تايوان و عدم وجود الدعم المادي وأيضا لأنهم أقلية، فقد ازداد وضع المسلمين سوءا وصار حضورهم وتأثيرهم في الحياة العامة شبه معدوم خصوصا في غياب التمثيل الرسمي..
عنصرية وتشجيع على المثلية ..
بالرغم من أن شعوب قارة آسيا في العموم هي شعوب محافظة تقدس مؤسسة الأسرة وتحترم العلاقة الطبيعية بين الذكر والأنثى كحالة تكامل محصنة بالنواميس ومنظومة القيم الأخلاقية القائمة على تراث ديني وثقافي وفكري عريق يشكل الإسلام أحد روافده..الا ان حكام تايوان يضربون بكل ذلك عرض الحائط ويستعدون منذ فترة لإصدار قانون يبيح الزواج بين مثليي الجنس في استفزاز غير مسبوق للقيم والمثل التي تدعوا إليها الثقافات والديانات العريقة لشعوب وأمم القارة وعلى رأسها الأمة الإسلامية..وعلاوة على تشجيع هذه العلاقات الشاذة الخارقة للنواميس يتفشى خطاب عنصري يحتقر السود على غرار ما تعرض له السيد تيدروس ادهانوم غيبريسوس رئيس منظمة الصحة العالمية في 2020 الذي صرح انه تعرض لتعليقات عنصرية وتهديدات بالقتل طوال أشهر كما وصف بانه كلب صيني ..وهذا مثال يؤكد تصورات آخذة في الرسوخ حول التمييز الذي يقع على المجموعات السوداء والمسلمين الذين يحصلون على فرص اجتماعية اقل مقارنة بغيرهم في تلك البلاد..
ليبيا أمام خيار الضرورة…
بينما تعتمد الصين في توطيد شبكة علاقاتها الدولية الإقليمية على منظومة “أخلاقية/اقتصادية” تشكِّل في كليتها”القوة الناعمة”. أهلتها للدخول في شراكات غير مقيدة بأجندة زمنية محددة، مع عدد من الدول الإفريقية ومن بينها ليبيا بالاعتماد على وهج حضورها الاقتصادي عبر خارطة العالم .. لا تملك تايوان بامكانياتها المحدودة اية حظوظ لمنافسة التنين الأصفر الذي يفرد جناحيه في تحد مشروع للهيمنة الغربية
وقد اعتمدت الصين على ما يطلق عليه “الدبلوماسية الناعمة” وهي أنجع أنواع الدبلوماسية وأكثرها تأثيرًا مستفيدة من الإخفاقات الغربية في إفريقيا، فتبنت أدوات تبتعد عن القوة الخشنة (القوة العسكرية)، مثل الثقافة والقيم الأخلاقية و السياسية والعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية التي يمكنها صناعة قوة عظمى كبيرة محترمة وذات مصداقية..
ان مستقبلا واعدا يمكن للافارقة وبينهم الليبيين ان يمتلكوه من خلال الانخراط في شراكة واسعة مثمرة مع ” بيجين” بانحيازهم إلى الخيار الأكثر عقلانية متجاوزين البراغماتية اللا أخلاقية التي تتبناها دبلوماسية تايوان في محاولتها تنفيذ اختراق للسوق الليبي على حساب المصالح الحقيقية التي تربط ليبيا بالصين عبر عقود طويلة..ولذلك فإن الحكمة السياسية ومقتضيات المصلحة القومية للدولة الليبية تقتضي أن تحرص الحكومة الحالية وأي حكومة مستقبلية ينتخبها الليبيون على عدم إقامة اي نوع من الاتصال الرسمي مع سلطان تايوان مع الاستمرار في تعزيز العلاقات المستدامة مع الصين كحليف إستراتيجي يمكن الوثوق به وبقدراته الاقتصادية الهائلة ..